رسالة الي معالي وزير التعليم الدكتور رضا حجازي ..بقلم الكاتب والشاعر طارق فريد



سعدت جدا ان يتولي امر حقيبة التعليم في بلادنا وزيرا عمل مُعلماٌ في بادئ حياته المهنية وهي نادرا ماتحدث و يشهد الجميع للدكتور رضا حجازي بخبرته وكفاءته فقد ظل يرتقي بعلمه وعمله حتى وصل الي منصب الكبار ليصبح مسؤلا عن اهم حقيبه تنهض بها الأمم والشعوب كما سعدت اكثر بتأكيد سيادتكم على ان المعلم اساس المنظومة التعليمية وضرورة توفير المناخ المناسب له ورفع قيمته المهنية ومعالجة قضاياه الأساسية لذلك استبشر بمعاليكم خيرا ... واسمح لي سيادتكم بان الخص بعض النقاط الهامة المتعلقة بالمنظومة..

اولا..

شاهدنا من قبل اصحاب التجارب والخبرة والرؤية المستقبلية للتعليم في مصر ينصب جُل اهتمامهم ان تشهد اليونسكو علي تجاربهم الناجحة في التطوير لكنهم لا يدرون ان معيار التقدم ومقياس تطور الشعوب ينبع من النظام البيئي والمجتمعي الذي يتفاعل معه الفرد في كل دوله لها مناخها الخاص بشعبها ولغتها وديانتها وثقافتها وحضارتها واقتصادها وعاداتها وتقاليدها..
وقد اعتاد الكبار ان يقارنوا منظومة التعليم بدول اخري قفزت الي التعلم الجيد ويحلو لهؤلاء سياسة المحاكاة والتقليد بتلك التجارب ومنها تجربة ماليزيا وسنغافورة وكوريا وفنلنده وغيرها وبالنظر الي ثقافة هؤلاء الكبار فهم يرون ان العام الدراسي لا يجب ان يقل عن 220 يوم في العام الواحد مثل دولة كذا وكذا وهذا في حد ذاته قصورا في الفهم لحقيقة ازمة التعليم في مصر واسباب تراجعه بما في ذلك التعليم الجامعي الذي انحدر وبشدة الي مستوى اسوأ بكثير من مستوي تعليم مدارسنا الهشة التي لا يعرف الكبار عنها شئ.. كيف تدار؟ وكيف يعمل معلموها واداريوها وطلابها بل ان لجان المتابعة نفسها اعظم اهتماماتها عبارة عن مراجعة اوراق تتعلق بما قُطع من المنهاج ونسب الغياب وكشوف الحضور والانصراف ..

ثانيا..

الطامة الكبري ياسيدي تكمن في نوعية المحتوي الذي يدرسه الطالب حتي المرحلة الثانوية خاصة الجانب الادبي وهي عملية تمصير للمعلومات والمواد الدراسية فعلي سبيل المثال طالب الابتدائي يدرس تاريخ الفراعنة وفي الصف السادس تاريخ مصر الحديث وحين يصعد للمرحلة الاعدادية يدرس تاريخ الفراعنة مرة اخري وفي الشهادة الاعدادية يعود مرة اخري ليدرس تاريخ مصر الحديث وفي الصف الاول الثانوي يعود للفراعنة والحضارات القديمة مرة اخري وفي الثانوية العامة يتوسع اكثر بدراسة تاريخ مصر الحديث ..
الخلاصة ان الطالب يخرج من الثانوية العامة لا يعرف شيثئا عن عصر النهضة الاوروبية او الثورة الفرنسية اوالامريكية او حتي الكشوف الجغرافية لذلك تبقي عملية تمصير المناهج احد الاسباب الرئيسية وراء تدهور مستوي التعليم في مصر
اذن وضعنا ايدينا علي سوء المنهاج والمحتوي

ثالثا..

لنأتي الي المعلم صاحب النصيب الاكبر من النجاح او الفشل للمنظومة التعليمية وحدث ولا حرج عن شان وقيمة هذا الكائن الذي فقد هيبته و احترامه لذاته قبل ان يبحث عنه في قلوب المجتمع ومؤسساته وانا مطمئن بعد ان تفضلت سيادتكم بالتنويه عن اصلاح حال المعلمين ...

رابعا..

نأتي للطالب نفسه وولي الامر لنتوقف امام اهم مؤسسة تربوية وهي الأسرة فنصل ايضا لنتائج وحقائق كارثية فلا ننكر استهانة الطالب وولي امره باللائحة السلوكية التي تقف دائما بعين العطف والرحمة فتميل الي الطالب حرصا على مستقبله على حساب المعلم فأصبحنا نري حالات تعدي كثيرة على معلمينا من بلطجية واولياء امور وللاسف معظمها من فئة غير متعلمة ولا تقدر قيمة التعليم ويعتبرونه ترفيها كالذهاب الي النادي لممارسة الرياضة بصحبه الرفاق وكأن المدرسة مؤسسة اجتماعية فقط ...

خامسا..

يبقي دور المدرسة المُنهكة بمبانيها واجهزتها وعجزها عن حل المشكلات وادارة الازمات لانها ليست لها الصلاحية الكاملة في اتخاذ الاجراءات القانونية تجاه الطالب واحيانا تجاه المعلم ذاته بحكم هشاشة اللوائح والقوانين ..

سادسا...

ناتي الي الجانب العلمي والتكنولوجي فنجد ان مشروع التابلت المدرسي مشروع ممتاز لتطوير فكرة ورؤية الطالب فهو يجمع بين الجانب العلمي والثقافي والمهاري ولا غبار عليه لكنه لا يصلح في بلاد تفتقر الي بنية تحتية أساسية لتشغيل شبكة عنكبوتية على اعلي مستوي في بلاد تزحف كالسلحفاة في عالم تطور سرعة الانترنت في اهم مؤسساتها وهي البنوك فكيف يكون الحال امام الملايين من الطلاب ...
النظام الورقي واعني نظام البوكليت معمول به من عشرات السنين في بعض الدول العربية بنجاح كبير فلماذا نغفل دور الورقة الامتحانية التي تتميز بالرؤية المستمرة لمحتوي الاسئلة وبسعة الوقت ونبدلها الي نظام الكتروني ضعيف ومعقد ولا يتيح الوقت المناسب للطالب للتفكير بالجانب المهاري المزمع استخدامه في امتحانات التابلت.. بل اسمح لي سيادتك ان اقتصار امتحان الثانوية العامة على الاسئلة الاختيارية قتل الجانب الابداعي لدي الطالب فلا ابداع بدون ورقة وقلم وخاصة ان هذه الاسئلة اجابتها غير علمية وتعبر عن رؤية واضعيها وتستخدم اسلوبا قويا بمرادفات اللغة العربية فتحتاج الي طالب متمكن باللغه العربية قبل المامه بمحتوى المواد كالفلسفه والتاريخ والجغرافيا اللهم الا اذا كان الهدف الاستغناء عن العنصر البشري في اعمال التصحيح والمراجعه ....
الاولي والأجدر بتلك التجربة معالي الوزير كان تلاميذ المرحلة الابتدائية وليس طلاب المرحلة الثانوية فالاصلاح لا يبدأ من قمة الهرم بل من القاع....

سابعا....

هناك عدة نقاط لطرق العلاج منها التوسع في انشاء المدارس النظامية الحكومية واعادة تفعيل اللوائح السلوكية لاطراف المنظومة التعليمية والحد من انشاء المدارس الخاصة التي تساهم بشكل كبير في تدني مستوي التعليم في مصر وتتخذ شعارها ( لم يرسب احد ) ويا حبذا لو تم الزام هذه المدارس بانشاء مسرح الي جانب ابنيتها التعليمية يكتشف ويقدم لمصر المواهب في كافة مجالات الاداب والفنون ليتم تفعيل مسرحة المناهج بكل مدرسة وايضا اري ضرورة تقنين مجانية التعليم التي اصبحت غير موجودة واقعيا بالفعل في ظل مانشهده من سرطان الدروس الخصوصية فنجد الظلم يقع على هذا الطالب المسكين الذي يخرج من مدرسته بعد الظهر ليذهب الي درس خاص او مجموعة ليعود الي منزله منهكا قبل المغرب واحيانا بعدها فكيف لهذا طالب تكون مذاكرته وكيف تكون صحته بل كيف لنا ان نلومه ..

ثامنا..

في ظل تصاعد وتيرة العنف في بلادنا وبين شبابنا ماذا لو عدنا بالتربية الدينية الاسلامية والمسيحية واضفناها للمجموع علنا ننجح في غرس الوازع الديني لدي ابناءنا من الطلاب في ظل غياب قيمنا وتردي سلوك ابناءنا الواضح بالشارع المصري ولا تندهش سيادتك حين اقول لك ان هناك طلابا بالمرحلة الثانوية لا يحفظون سورة الفاتحة علي سبيل المثال ... فابناء مصر جديرين واحق بدراسة تعاليم اديانهم السماوية واضافتها للمجموع وسيجعلهم على الاقل يهتمون اكثر وبالتالي ينعكس ذلك ولو قليلا على تصرفاتهم وسلوكهم ....

تاسعا..

اخيرا سيادة الوزير اري ان يتم مساهمة ولي الامر بمبلغ رمزي يدفعه كل عام ليذهب مباشرة للمدرسة الحكومية وليس للوزارة كما اطرح على سبادتكم دعم وزارة التربية لنقابة المعلمين من اصحاب الشركات الكبري ورجال الاعمال بنسب محددة يشرف عليها مجلس الوزراء ووزارة التربية والتعليم ليذهب هذا الدعم في بناء المدارس الحكومية وكذلك ضرورة مواكبة المعلم لطرق التدريس الحديث وتكليفه بنشاط شخصي له في احد جوانب تخصصه اما بحثا او تجربة ابداعيه خارج نطاق المنهج الذي بات المعلمون يحفظونه عن ظهر قلب ولا يجيدون غيره ....... تمنياتي لسيادتكم بالتوفيق والنجاح مع دعوات قلوب الملايين لكم بالسداد والتوفيق .....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ممثـلة .. قصة قصيرة ..بقلم الكاتب والشاعر طارق فريد

مراحل خلق الانسان في القرآن الكريم .. بقلم دكتورة جمانة قباني إخصائية أمراض النساء والتوليد

إلى الذين يتحدثون عن أزمة المسرح . بقلم د يسري عبد الغني