في بيتنا رجل.. فيلم جسد العنف المشروع ضد الاحتلال .. بقلم المؤرخ والشاعر طارق فريد

غزال البر

من منا لا يتذكر فيلم في ببيتنا رجل للنجم عمر الشريف وزبيدة ثروت ورشدي اباظة ومجموعة كبيرة من نجوم السينما المصرية .. بطل الفيلم الحقيقي الذي جسد شخصيته عمر الشريف هو غزال البر ابراهيم ناصف الورداني شاب مصري في الرابعة والعشرين من عمره اعترض المفتي على اعدامه فكان قرار الحكومة بتحريم الاحتفاظ بصورته درس الصيدلة في سويسرا وعاش بها عامين بدءا من سنة 1906م ثم سافر إلى إنجلترا وقضى بها عاما حصل خلاله على شهادة في الكيمياء ثم عاد إلى مصر في يناير 1909 ليعمل صيدلانيا، وكان عضوا في الحزب الوطني، وبعد عودته لمصر أسس جمعية أسماها جمعية التضامن الأخوي التي نص قانونها على أن من ينضم فيها يجب أن يكتب وصيته ...


ابراهيم الورداني قاتل بطرس غالي

صاحب اول عملية اغتيال سياسي في مصر

ابراهيم ناصف الورداني هو صاحب أول عملية اغتيال سياسي في مصر في فبراير 1910 عندما أطلق رصاصاته صوب بطرس غالي رئيس الوزراء ، لعمله على اقرار مشروع مد امتياز قناة السويس لأربعين عاما إضافية ، كما انه وقع اتفاقية السودان في 19 يناير عام 1899، بالنيابة عن الحكومة المصرية باعتباره وزير خارجيتها واللورد كرومر بالنيابة عن الحكومة الإنجليزية، وبموجب تلك الاتفاقية أصبح لإنجلترا رسمياً حق الاشتراك في إدارة شؤون الحكم بالسودان، ورفع العلم الإنجليزي إلى جانب العلم المصري في أرجائه كافة، وتعيين حاكم عام للسودان بناء على طلب الحكومة البريطانية ، كما أنه كان أحد أعضاء محكمة دنشواي الشهيرة . كان بطرس غالي من وجهة نظر الورداني والكثير غيره خائنا لوطنه وأقرب إلى الانجليز المحتلين منه إلي المصريين، فأقدم إبراهيم على قتله.

تفاصيل العملية

خرج بطرس غالي من مكتبه في الواحدة ظهر يوم 20 فبراير 1910م، و كان يرافقه كل من حسين باشا رشدي وزير الحقانية ( العدل)، و فتحي باشا زغلول وكيلها و عبد الخالق ثروت النائب العمومي. و ما أن هم بطرس غالي بدخول سيارة رئاسة الوزراء حتي دوت 6 رصاصات، استقرت ثلاث منها في بطرس غالي باشا أصابت اثنتان منها رقبته. و أمسك الحراس بالشاب القاتل، و نُقل بطرس غالي للمستشفي و هناك أجروا له عملية جراحية استغرقت ساعة و نصف، و لكنه فارق الحياة في نفس اليوم.

رعب الانجليز

هذا و قد خشي الانجليز و أعوانهم من تحول الورداني إلى بطل شعبي وهو ما كان يمكن أن يزيد من الحركة الوطنية حماسة فتمتد يد الوطنيين اغتيالا لعدد من رموز العمالة والخيانة فقد اقترح عدد من الموالين للانجليز الدفع بمجموعة كبيرة من المأجورين ليهتفوا “تسلم إيدين الورداني قتل بطرس النصراني” في محاولة لإظهار الأمر باعتباره اعتداء طائفيا، ما يترتب عليه تهييج الشعور الطائفي لدى المسلمين والأقباط والانشغال بالمشاكل الطائفية بعيدا عن قضايا الوطن الحقيقية، وصرف أنظار المصريين عن العدو المشترك لكافة طوائفهم وطبقاتهم. وعي المصريين فقط هو الذي خيّب خطة الانجليز وعملائهم فقد نزلت حشود المصريين للشارع للهتاف في مواجهة المأجورين “تسلم إيدين الورداني قتل بطرس البريطاني”، في محاولة للكشف عن سبب الاغتيال الحقيقي الذي لم يكن له أي بعد طائفي وهو ما فوّت على النظام تحقيق ما كان يرجوه من اللعب على الوتر الطائفي .

شجاعة نادرة

ألقي القبض على ابراهيم الورداني ، وقال إنه قتل بطرس غالي “لأنه خائن للوطن”، وإنه غير نادم على فعلته، واعترف أنه فكر في قتل بطرس عندما حضر جلسة المجلس العمومي ورأى معاملة بطرس غالي الجافة لأعضاء المجلس، ومشاركته في محكمة دنشواي.وقد مثل الورداني أمام المحكمة في 21 إبريل 1910م وكان يرأسها الإنجليزي "دلبر وجلي" ، وكان من المحامين الذين حضروا للدفاع عن الورداني "أحمد بك لطفي" . وقد وجهت للورداني تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وهي جريمة عقوبتها الإعدام، وانشغل الرأي العام المصري بالحادث لانه أول جريمة اغتيال سياسي فى عصر مصر الحديث...

عبد الخالق ثروت طالب باعدامه

وقام عبد الخالق باشا ثروت الذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب النائب العام بالتحقيق في القضية، وقد ذكر في مرافعته أن الجريمة المنظورة أمام المحكمة هي جريمة سياسية وليست من الجنايات العادية، وأنها "بدعة ابتدعها الورداني بعد أن كان القطر المصري طاهرا منها" ثم طالب بالإعدام للورادنى، ثم أرسلت القضية إلى المفتي (الشيخ بكري الصدفي) لإبداء رأيه فيها، لكن المفتي تنحى لوجود مانع شرعي ، إلّا أنّ المحكمة لم تأخذ برأي المفتي . وكانت سابقة أن يعترض المفتي على حكم محكمة الجنايات برئاسة الإنجليزي “دولبر وجلي”، وفي يوم 18 مايو 1910م أصدرت محكمة الجنايات حكمها بالإعدام على الورداني، وفي صباح يوم (21 يونيو 1910م) تم تنفيذ حكم الإعدام في الورداني. و كانت آخر كلماته "الله أكبر الذي يمنح الحرية و الاستقلال" .
لقد لاقي إبراهيم الورداني تعاطفاً من الرأي العام المصري و أسماه البعض غزال البر حتي أن الحكومة أصدرت قراراً يحرم علي أي مصري الاحتفاظ بصورة القاتل ........


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ممثـلة .. قصة قصيرة ..بقلم الكاتب والشاعر طارق فريد

مراحل خلق الانسان في القرآن الكريم .. بقلم دكتورة جمانة قباني إخصائية أمراض النساء والتوليد

إلى الذين يتحدثون عن أزمة المسرح . بقلم د يسري عبد الغني