هل جيل الستينيات والسبعينيات أسعد حالا من الاجيال التاليه لهم؟... بقلم الكاتب والشاعر / طارق فريد
لماذا جيل الستينيات والسبعينيات أسعد حالا من الاجيال التاليه لهم؟... بقلم الكاتب والشاعر / طارق فريد
حين تمعن النظر في جمهور حفلات الموسيقي العربية لاحياء التراث الاصيل سواء في معهد الموسيقي العربية او دار الاوبرا او غيرها من ساحات الفن العريق ستجد ان معظم الحاضرين من شريحة كبار السن التي حددت بدايتها الامم المتحدة من 79سنة ولكننا في عالمنا النامي لنا مقياس وعمر اخر فنحن نكبر ونشيخ من بعد الخمسين لكن الاهم الذي اطرحه ان هذا الجيل فعلا محظوظ لعدة اعتبارات جعلته او الاغلب منه راضيا قانعا يحمل بين جوانحه مشاعر واحساس وتذوق مختلف للحياه عن الاجيال التاليه له..
جيل راقي في زمن راقي
فهذا الجيل تعود نشأته علي يد اخر اجيال العهد الملكي التي اتسعت مداركها وثقافتها رغم ارتفاع نسبة الامية وارتقت الفنون والاداب بعدة قيم استمدتها من دولة 23يوليو حيث قصور الثقافة ودور الدولة المركزيه ووزارة الثقافة في رعايه الفنون والاداب وطقوس وفرحة المدرسة التي تهتم بالمسرح ومسرحة المناهج حتى برامج الاطفال كانت بسيطة حقا لكنها راقيه ترقي بالنفس البشريه الي مصاف التأمل والابداع.. علاوة على وجود رقابة جهاز قوي علي المصنفات الفنية حتى انه منع ذات مرة اغنية ياعوازل فلفلوا لفريد الاطرش واعتبر انها ركيكه وسوقيه الكلمات ....
دور الاعلام والمؤسسات الثقافية
و لا انسي البرامج الثقافية والدينيه الهادفة والتي ملأت اوقات الاذاعة والتليفزيون لتربية ونشاة جيل سوي مهذب وراقي ومدعوم بفن يقوم علي وتر المشاعر والاحساس والتذوق وقد نشأ هذا الجيل في جو اسري مستمد من القيم والعادات والتقاليد فكانت المراة يغلب عليها الحياء الذي هتك عرضه الان مع دعوات المساوة والعولمة المنحله..كان نسيج المجتمع يتجه للعاطفة الانسانية والدينيه فلم نعرف تلك المفاهيم السامة التي خرجت علينا اليوم من تحرش وتنمر وازدراء ..
ربة البيت مدرسة ولو كانت غير جامعيه
نعم كانت الام بحق مدرسة لتفريغ نواة المجتمع ببذرة صالحة تنبذ التعصب لكنها متمسكة بقيمها كان لعلماءالدين استقلاليتهم بعيدا عن السياسة لذلك كان مقامهم رفيعا في النفوس وكان للأب هيبه وسلطة في حضور ربة البيت المطيعة لزوجها ليس خوفا منه لكن ايمانا بانه سيكون طريقها للجنة ورغم ذلك كان معظم الرجال يحترمون زوجاتهم ويقدرون جهدها في ادارة شؤن البيت ورعاية من فيه وهؤلاء غرست فيهم ثقافة ثورة يوليو ايضا قيمة العلم والعلماء فصاروا يقدسون المعلم ويحترمون اصحاب العلم والمعرفة فلم يكن المال مقياسا لقبول العريس قبل سؤال الاباء له( مؤهلك ايه؟)
شماعة الزيادة السكانية
هؤلاء ايضا كان منظورهم للسعادة بسيطا مختلفا عن اجيال الصخب والتلوث السمعي حتي انك تلاحظ احيانا جنون ودموع بعضهم عندما تغني كوكب الشرق او فريد اوحليم اغنيه عاطفيه قويه مصحوبه بلحن يثري النشاعر ويهز اركان الفؤاد المكتوي بالحب .. احساس لا يشعر به اي احد الا اصحاب القلوب اللينة والوديعه والراضية والقنوعة ..باختصار كان لمواطني تلك الفترة حقوق كرستها وقامت عليها اجهزة الدولة ليس في نمط الحياة الاقتصادي فقط لكن في كافه مناحي الحياة وليس علي شماعة الزيادة السكانية والاسعار العالمية وسعر الخام كان راتب الموظف الجامعي 17جنيه لكنهم مبروكين كما يقولون لاستقرار الاسعار بفضل رقابة الدولة ..
جيل قديم لكنه جميل محظوظ
كان هذا الجيل محظوظا حتى جاءت سياسة الانفتاح الاقتصادي والخصخصة ففقدنا ممتلكات الحكومة التي هي بالاساس ملك لهذا الشعب .. انعكس هذا علي خروج وتفحش ظاهرة الغلاء وخروج المراة للعمل التي فاقت الان نسبة الرجال فغابت الام والمعلمة والمربية والمديرة عن بيتها وزاد عدد رواد المقاهي من العاطلين من الشباب بل من الازواج ايضا وغاب اعلامنا الواعي برسالته وانصرف الي الربح والرياء وغابت دور الثقافة والمسارح وغيبت المدارس الاهليه واختفت القدوة الحسنة من مبدعينا ليحل محلها دعاة التحضر والعولمة واصحاب العهر الفكري الذين بثوا سمومهم عبر شاشات التلفاز بلا رقيب او حسيب لذلك كان هذا الجيل محظوظا ..ولا اجد مسمي انسانيا راقيا يليق بهذه الاجيال البريئة التي ظلمت وحرمت من عطر هذا الزمن... زمن الفن الجميل ..

جميل
ردحذفشكرا للمرور الاجمل
حذف