هنا بدأت صلاتي .. قصة قصيرة بقلم طارق فريد ..

كنتُ هناكَ في قلب بيروت اُصورُ بقلمي سِحرها وجمالُها ودلالُها واكتب معناً آخر للوجود يبحثُ عن الشموخِ بين عبق التاريخ وكبرياء الطبيعة , كنت أبحث في ذاكرة التاريخ عن رثاء يسكن قلبي لمحبوبتي الفيحاء بعطرها الساكن بين اضلُعي ومعه ينسج خيالي تلك القصيدة التي إتخذت من القِبلة الأولى حرماً ومحراباً لصلاتي المحمومة تجاه تلك القُـُبة النحاسية .. وبين شرودي واحلامي المطوية الخجولة سمعتُ هذا الدوي الذي هزني قبل ان يُهز مكاني ..

ماهذا ؟ كأن هناك حدثاً جللاً زلزل البيوت والأركان .. أفقتُ للتو من خيالاتي .. بل من سكراتي وعبر النافذة كان المشهدُ أمامي في أبهي صورة .. انه الميدان ..

زحام وعناق بالقبلاتِ والأحضان وصوت يهتفُ من بعيد فرحا .. انتصرنا . إنتصرنا على المحتل والطغيان .. حررنا الاوطان .. فعدتُ أسال نفسي .. هل انفجر البركان؟؟ وجدتني أهرع الي الميدان لأشارك الأحرار بالحفلِ بقصيدة مدح وثناء فبدأت بقولي.. الوطن عاد .. والعدو قد مات ..

وعلي صوت العرب أنتفضتُ من نومي وتعجبتُ من حُلمي وأيقنتُ اني كنت مخدوعاً حينما فاجئني صوت مذياعي بان أسطورة الطغيان قد غزت لبنان ودنست ثراها واستباحت كل الشطئان.. اتجهتُ بعيوني صوب السماء التي افترشتها الغِربان الطائرة بينما لا يزال يصيحُ مذياعي قابعاً ومُستنكرا وشاجباً ظلت حكومات أمتى في صمت تسمع وفي سكون تتحرك ..

هكذا نحن .. عارنا معروف منذ القدم نتلذذ باللوم والاتهام وبعضنا يتربصُ بالآخر في الظلام .. رحتُ أبحثُ عن نار ذاك البركان فوجدتها خَمدت بحفنة من تراب بينما تلك الأسطورة زادت قوة وصلابة .. وفي وقت ينبعثُ من الميدان صوتا يستغيثُ بالأعرابِ وجدتُ الميدان وقد امتلأ وحوشاً أغرابا هدت كل شئ وجعلته خرابا .. ورحتُ اسال نفسي أهذا هو القدر ان تكون عربيا ومحسوباً على عالم جبان.. متي ياعرب ينفجر البركان فهل تنتظرون ان تُصبح فلسطين اثنتان؟

خرجت عائدا الي موطني احاول التضرع الي الله فَرحتُ اُصلي بالأقصي صلاة المُستجير والمستغيث برحمة الله .. فاذا هناك حفل اخر في ساحة مختلفة هذه المرة عن ساحة الميدان حفل غير ماكنت أحفل.. انهم يقتلون العروبة هنا في قلب القدس .. يحرفون الحقيقة على اوتار الزيف حيث وقف المارد العملاق يتحدي الفئران ويعلن (هذه عاصمتي) .. وفي لحظة من جمود وبين ثنايا هذا البرود جاءت الثكالي والأرامل والأمهات الحوامل وقذفت حجرا في قلب الساحة فصاح الأطفال وردد الجنين في بطن أمه .. الله اكبر.. الله اكبر ... وهنا بدأت صلاتي ....(( تمت))

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ممثـلة .. قصة قصيرة ..بقلم الكاتب والشاعر طارق فريد

مراحل خلق الانسان في القرآن الكريم .. بقلم دكتورة جمانة قباني إخصائية أمراض النساء والتوليد

إلى الذين يتحدثون عن أزمة المسرح . بقلم د يسري عبد الغني