من جماليات وفوائد السفر.. بقلم \ طارق فريد
من جماليات وفوائد السفر.. بقلمي المؤرخ والشاعر \ طارق فريد
للسفر الطويل متعة خاصة لا يدركها الا الذين يتصفوا بالتأمل والتفكر في جمال ولغة وفلسفة الطبيعة وخاصة اذا كنت تسافر بالسيارة لمسافات بعيدة ومن هذه الجماليات التي توقفت عندها تلك النقطة في شمال غرب شبه الجزيرة العربية وبالتحديد قرب مدينة تبوك حيث أوقفتني تلك الصخور العجيبة وشجعني علي التوقف انني شاهدت سيارة اخري تتامل المشهد مثلي عن بعد ولم اكن اعرف انها مدائن صالح وقوم مدين الذين عاشوا علي مقربة من أهل ثمود ولجأ اليهم سيدنا موسي عليه السلام فارا من مصر قبل ان يتزوج من احدي بناتهم ..
و أصحاب الأيكة من أهل مدين ذكرهم الله تعالي في القرآن الكريم باسم أصحاب الآيكة (( وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ ۚ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)) حيث كانوا يغشون في الموازين والمكاييل ويعبدون شجرة الآيكة الملفوفة ثرية الاوراق فأرسل الله تعالي لهم نبيه شعيب لهدايتهم لكنهم سخروا منه وعصوه فدعا عليهم واستجاب له رب العالمين ..
وعندما تسير في طرق السعودية فأنت تتمتع بجمال الطبيعة حتي لو كانت قاحلة احيانا رحله عشقتها لسنوات ولم أمل من وحدتي فيها من ابو ظبي الي القاهرة عبر السعودية والاردن ولا يعقل ان تكون بالسعودية ولا تعتمر لذلك كنت اقطع مسافات طويلة بين شرق وغرب المملكة من الشمال الي الجنوب ثم الي الشمال ايضا من طرق اخري .. في السعودية تجد الصحاري القاحلة والهضاب والجبال الشاهقة والأودية والواحات ايضا وما بين المرتفعات والمنخفضات تندهش حين تري جبلا منحوتا من اعلاه بكلمة سبحان الله او تستوقفك لوحة في سكون وصمت الجبال تقول لك.. اذكر الله ...
مشاهد غريبة من قرود الاودية ومسمياتها العجيبة وبين الجمال ذات الشعر البني الغامق والجسم النحيل والتي تقطع الطريق في جرأة متناهية وشموخ كأنها تعتز بتاريخ وعراقة المكان حتى انها تنظر اليك في عزة وكبرياء حين تتوقف وتمر من امامك ، صدي الجبال حين تمر بينها وكأنها تسبح لله وفجأة تجد الواحة الخضراء ولا يمنع ان تهب عليك عاصفة ترابية تجبرك علي اخذ قسط من الراحة او تربك رحلتك اذا كنت ارتحت في احد الفنادق ونمت عدة ساعات.. والغربب انك طوال هذه المسافات فانك تشعر بالامان علي اسوأ الاحتمالات حتى لو تعطلت سيارتك ، بالموبيل تستدعي خدمة الطرق وتأتي اليك في اقرب وقت وكثيرا ماتشاهد عربات الشرطة الحمراء علي ربوة التلال العالية في مهمة لمراقبة الطرق خاصة الطرق الوعرة الخطرة ذات المنحنيات والمرتفعات الشاهقة مثل طريق ينبع- المدينة او طريق تبوك - ضبا او الطائف - مكة .. انت لا تسير لمجرد ان تصل بل تسير وتتعلم .. تتامل. تفكر .. تتمتع بكل مزايا وسحر الطبيعة المتنوع في أشكاله ومظاهره لكن وجب عليك ان تكون منتبها لمتغيرات الطقس خاصة ان كنت تسير في مناطق الرمال الناعمة كطريق حرض - الرياض ..
والحقيقة ان كل دولة لها سحر طبيعتها الخاصة فتجد في عمان الجبال السوداء علي الحدود مع الامارات تمتد لمسافات طويلة واحيانا تزينها سفوحها الأشجار وينابيع الماء الهادر ولا مانع ان توقفت لبعض الصور لتجد مجموعة من الثعابين ناهيك عن العقارب المنتشرة في المدن الصحراوية اما اغرب مشهد مر علي في ذاكرتي كان بالاردن حيث ميناء العقبة فأنت تقف على ارض اردنية وخلفك بقليل ارض المدورة السعودية وامامك يمينا ايلات الاسرائيلية ( أم الشرشار المصرية) التي تبهرك ليلا حيث مياه الخليج بزرقتها يبدو سطحها مضيئا وكانت تلك اول مرة اري سطح البحر مضيئا ليلا فلم اري هذا النور الممتد علي مسافات كبيرة علي سطح البحر الا في ايلات ومنطقة ينبع الصناعية علي ساحل البحر الاحمر في السعودية والي اليسار قليلا طابا المصرية حتى انك تستطيع رؤية فندق سونستا طابا القديم في ارض مصر .. من هنا أدركت وتعلمت من فوائد السفر الكثير والكثير حتى انني أدمنت الرحلة وصرت في كل مرة أغير طريقي حتى لو كان أطول فسلكت طريق اخر عبر الدمام -حفر الباطن - عرعر لكنه لم يكن بنفس الجمال ولا بنفس الشعور .. جميلة ارض الله الواسعة .. رحيبة .. ممتعة .. واحيانا ناطقة ......السفر احدي نعم الله علينا فاستثمروه ... والي لقاءاخر في دولة ومعلم اخر ...

تعليقات
إرسال تعليق