مين اللي مات؟ . قصة قصيرة بقلم الأديب والشاعر طارق فريد


كنت اسألها من هذا الذي مات؟ قالت انه المعلم شحاته . دخلت اشاهده وهو في قبر جماعي ويرقد ممددا في كفن طويل في قبر مرتب بطريقة طولية ويبدو على شكل غرفة منفصلة في بدروم هذا المنزل الارضي الذي لا يفصله عن القبر الا بضع خطوات فقد كان رجلا يتسم بطول القامة وكنت اشارك الجميع قراءة الفاتحة على روحه ولما انتهينا منها نظرت اليه واقتربت اكثر نحوه لاشاهد راسه واحدي يديه ممدودة بجانبه والاخري على جبينه يفرك بأنامله بها في عينيه .

اندهشت عندما شاهدته وعيناه تتحرك ولم اتمالك نفسي الا بعد ان لاحظت شخصا اخر يحملق في المشهد وينظر لي مؤكدا انه لم يزل حيا وركزت عيوني اكثر فوجدته مستمرا في فرك عينيه وكانه ينظفها من اثر اللحد والتراب فعدت مسرعا للبيت دخلت شقة تبدو نظيفة بالدور الارضي فوجدت زوجتي تجلس على اليمين واختها منفردة على اريكة الصالون بينما كانت حماتي تجلس على مقعد فردي رحبت بهم وعانقت ام زوجتي وقبلتها معتذرا عن تقصيري بزيارتها وقلت لها قريبا ازورك ان شاء الله وجلست بجوار زوجتي انادي لابني فقامت زوجتي بالمهمة ...


سالتني عن الامر فقلت لها ان جدي لم يزل حيا ولا اعلم لماذا قلت جدي حاول الجميع ايهامي اني تخيلت المشهد لكني اصررت على استدعاء الطبيب .. وقمت مسرعا نحو طريق سريع استوقفتني سيدة جميلة بسيارتها الفارعة والطويلة ويبدو انها تعمل سائقة لوجود شخص واكثر بسيارتها ركبت بالقعد الخلفي حتى نزل الركاب فاوقفت سيارتها واستدارت بجمالها نحوي لتشعل سيجارة وتطلب مني الاقتراب لمقعد مجاور لها ,

كنت اطالبها بالعودة للبيت لاني نسيت حقيبتي التي لا تفارقني بكل محتوياتها وقلت لها ساعطيك مبلغ كبير فقط ارجعيني لاخذ حقيبتي .. التفتُ عن يميني فاذا حقيبتي بجواري فحمدت الله على اني وجدتها ومضيت نحو الطبيب وكلي امل لانقاذ هذا الرجل الذي اختلطت فيه ذاكرتي هل هو جدي ام المعلم شحاته لكن الصورة الاخيرة له بذهني تدل على انه هو صاحب القامة الطويلة ..

وانصرفت وحيدا الي طريق بلا عودة صحبة تلك الجميلة التي استحوذت على مشاعري وكل مشاعر حزني واهدتني الدنيا في نفسي لكني زدت هما وحزنا عندما اخبروني هاتفيا اني فقدت عزيزا .. كانوا لا يدرون ان هذا العزيز هو نفسي ! 

كم نحن حمقى وكم الحمقي من حولنا الذين ينسون انفسهم واحزانهم وقبورهم ويهرولون مع اول نسمات الدنيا الزائفة لكنها الحياة تفاجئنا احداثها ومواقف الناس المفرحة والدنيئة منها فلا نأخذ العبرة من المشهد الختامي لها ونمضي وراء احلامنا التي غالبا ماتكون اوهام في حقيقتها فما قيمة تلك الحياة ونحن نصارعها من اجل البقاء .. لم يكن هذا سعيا كما امر الرحمن بل كان وهماً ظنت ايادي الجشع الباحثة عن الدنيا انها ستناله فلم تترك طريقا الا سلكته حتى لو كان طريق الخيانة بحجة البحث عن الذات................. ...(( تمت))

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ممثـلة .. قصة قصيرة ..بقلم الكاتب والشاعر طارق فريد

مراحل خلق الانسان في القرآن الكريم .. بقلم دكتورة جمانة قباني إخصائية أمراض النساء والتوليد

إلى الذين يتحدثون عن أزمة المسرح . بقلم د يسري عبد الغني