ليل القرية الدامي . قصة قصيرة بقلم الأديبة فاطمة مندي .مصر

عندما كنت صبية لم ابلغ الحلم بعد اتذكر رجلاً في قريتنا التي كان يسودها الصمت، كان كبيرهم الذي كان أعدل رجال القرية واكثرهم رزانة واعمرهم شيخوخة ، فلا أحد يعرف سبب موته المفاجئ ، فمنذ يوم أمس كان يتجول بعصاته الخيزران على تلة الترعة ، وعند منتصف الليل سمعت القرية بنسائها ورجالها واطفالها صراخ وعويل من بيت كبير القرية.

في الصباح التحفت وجوه الرجال بالحزن، والنساء تخط بأذيال اثيابهن السوداء، يتبعون الجنازة إلى مقابرة القرية، ثمة من صلى على الجنازة، عندما وضعوها قرب القبر، الذي حفروه وسط المقبرة، على تلة عالية تعلو قبور موتى القرية،
أجتمعت القرية على كبير آخر، ثمة من يختار أبن الكبير، وآخر من أختار (سعيد الطيب) أنقسمت القرية، ثم أتفقت الغالبية منها على أبن الكبير،
كان الإبن (عبد الرحمن) لا يعرف سوى النساء والمال، كان يكره (سعيد الطيب) كما يكره الحوت الازرق دلافين البحر الابيض،
البسوه عمامة سوداء، وأعطوه خيزرانة غليضة، وقد أمر بخفيرين أن يجمعوا له كل رجال القرية لبيعته، على كبارة القرية ورآستها، كان سعيد قد لزم داره وأبى الحضور مع رجال القرية أمام قصر الكبير،
وكانت زوجة (سعيد الطيب) بشهرها السابع، فعندما علم الكبير (عبد الرحمن) أن (سعيد) لم يحضر مع رجال القرية ، أمر بأحضاره مجبراً، لكن (سعيد) رفض الذهاب، بل زجر خفيري الكبير .

عند ظهيرة شديدة الحر نام سعيد كعادته قرب الحظيرة، سمعت زوجته أن علي الباب رجالاً يطلبون خروجه، وكانوا يمسكون ببنادقهم وعصيهم ، وهم ينددون بخروجه من الدار والا يحرقونها، أمسك (سعيد) عصا وهمَ بالخروج لكن زوجته تمسكت به و طوقت راحتيها علي قدميه، ولسمتها بالقبل ؛ كي يبايع الكبير كباقي رجال القرية، وراحت تتوسل بأن يبايع (عبد الرحمن) ، تعالت طرقات الباب، وتعالى صراخ الزوجة الحامل ، توسط
(سعيد) في باحة داره وهو يمسك عصاته مستعداً لمعركة اجبر عليها ولا بد منها، وقفت الزوجة خلف الباب بعد أن عزم رجال القرية علي خلع الباب ، أمسكوا بجذع نخلة وضربوا الباب الذي كانت خلفه زوجة (سعيد الطيب) ؛ كي تمنع خروجه، أنخلع الباب من كلابيبه، وضرب مزلاجه بطن الزوجة، وقد أخذوا (سعيد) مكبل بالحبال وزوجته ملئت الدار بدمائها الداكن بالحمرة كحمرة غروب القرية الدامي..  ((تمت))



تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ممثـلة .. قصة قصيرة ..بقلم الكاتب والشاعر طارق فريد

مراحل خلق الانسان في القرآن الكريم .. بقلم دكتورة جمانة قباني إخصائية أمراض النساء والتوليد

إلى الذين يتحدثون عن أزمة المسرح . بقلم د يسري عبد الغني